عظم لكم الأجر مصاب أبي عبد الحسين (ع) محرم 1429هـ **************** العدد 1961 السبت 19 يناير 2008 الموافق 10 محرم 1429 هــ -------------------------------------------------------------------------- توموكو وعاشوراء ندى الوادي
وجدتها تراقب النساء المجتمعات في أحد المآتم الكثيرة التي تحيي ذكرى عاشوراء في الأيام الأولى من شهر محرم، كانت ترتدي العباءة السوداء ككل الموجودات، ولا يمكنك أن تفرق بينها وبين أي من الأخريات، وخصوصاً في تلك الليالي الباردة، إلا إذا دققت كثيراً في ملامح وجهها لتكتشف الأصول الآسيوية التي تنتمي إليها، أو لعلك تكتشف أنها لا تنتمي إلى هذا المكان عندما تنظر إلى رفيقها الذي يسير معها بملامحه الآسيوية الواضحة.
ما الذي جاء بهما في ليلة باردة في قلب العاصمة (المنامة) في ليلة من ليالي عاشوراء؟ لعل ذلك السؤال لا يتبادر إلى أذهان الكثيرين من رواد العاصمة في تلك الليالي، لأن وجود الأجانب والزوار يعد أمراً طبيعياً وعادياً، غير أن ما كانت تقوم به تلك السيدة ورفيقها لم يكن طبيعياً ولم يكن عادياً كغيرها من الأجانب. فقد قطعت آلاف الأميال لتحضر هنا بالذات، في قلب المنامة، وتشاهد ما يجري في هذه الأيام بالذات (أيام عاشوراء) إنها ياماجيشي توموكو، أستاذة جامعية بجامعة طوكيو اليابانية، حاصلة على الدكتوراه في مجال العلوم الإنسانية والتاريخ. توموكو تعد مع فريق عمل ياباني أكاديمي متكامل دراسة مفصلة عن «فرق الشيعة» سيتم جمعها في كتاب مفصل ينشر باللغة اليابانية العام المقبل. ولتطبيق هذا المشروع، سافر الكثير من زملائها إلى الكثير من الدول الإسلامية التي يحيي الشيعة فيها مراسم عاشوراء في محرم، بهدف جمع المعلومات الأكاديمية المفصلة عن طرق إحياء هذا الموسم، ثم مقارنتها وتحليلها بشكل علمي مفصل. كان نصيب توموكو، أو ربما اهتمامها الخاص بالشيعة في البحرين هو الدافع الرئيسي وراء زيارتها التي تستغرق نحو أسبوع، وعلى رغم أنها لم تتمكن من الاتصال بأي مؤسسة أكاديمية أو علمية قبل وصولها، فإن الأبواب فتحت أمامها بمجرد الوصول. فالدخول إلى المنامة ومراقبة ما يجري وجمع المعلومات سهل للغاية في هذه الأيام بالذات، وعلى رغم عدم فهمها للغة، فإنها استطاعت بحلول أيام معدودة أن تشاهد ما جاءت من أجله.
بهرت توموكو في «عاشوراء البحرين» بشيئين اثنين رئيسيين، أولهما البحرينيون أنفسهم، فقد كان غريباً عليها أن تشاهد شعباً بهذه الطيبة كلها. تقول إنها كانت تسير بكاميراتها لتصور في كل موقع، فلم يعترض طريقها أحد، بل استقبلت بكل ترحاب في كل موقع شوهدت فيه حتى وهي أجنبية. الأمر الآخر وهو المرتبط أكثر بمشاهداتها العملية متعلق بالعمل العاشورائي الحسيني في البحرين. تقول توموكو إن غالبية من يقوم بإحياء هذه الذكرى في البحرين هم الشباب، وهو أمر يستحق التوقف والدراسة، إذ ينحو الشباب عادة إلى النفور من كل ما يعبر عن التقاليد القديمة في التعبير عن المعتقد الديني أو الثقافي في كثير من المجتمعات، غير أن الشباب هنا، بل وحتى الأطفال أيضاً، لم يتوانوا عن بث الروح في هذا الموسم حتى جعلوه نابضاً بالحياة، بل وعصرياً جداً بدليل استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في ذلك الإحياء
كثير من أنشطة هذا الموسم نشاهدها ونهتم بها، ولكن لعلنا لا نقدرها حق قدرها، وكأننا اعتبرناها أمراً مفروغاً منه، لكنها في الحقيقة أنشطة مبهرة. وإن لم تصدقوا ذلك... اسألوا توموكو... ستجدونها تراقب ما يجري في المنامة في ليالي عاشوراء.